يوم المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.. ملايين الوظائف تنتظر الدعم

يُحتفى به 27 يونيو من كل عام

يوم المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.. ملايين الوظائف تنتظر الدعم
حرفيون في إحدى ورش العمل

يحتفي العالم في 27 يونيو من كل عام بيوم المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، في مناسبة دولية خصصتها الأمم المتحدة لتسليط الضوء على هذه المؤسسات بوصفها ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، ومحركًا فعّالًا للنمو الشامل.

ويكتسب هذا اليوم أهمية مضاعفة هذا العام، في ظل اقتراب انعقاد عدد من الفعاليات الدولية المفصلية، أبرزها المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في إشبيلية، خلال الفترة في الفترة من 30 يونيو إلى 3 يوليو 2025 والقمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية في الدوحة، المقرر عقدها في نوفمبر 2025.

الموضوع الرسمي لعام 2025

يأتي احتفال عام 2025 تحت شعار "تعزيز دور المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة كمحركات رئيسية للنمو المستدام والابتكار"، حيث يعكس هذا الشعار وعيًا عالميًا متناميًا بأهمية تلك المؤسسات، لا سيما في ظل التحديات التي يشهدها الاقتصاد الدولي، كأزمات سلاسل الإمداد، وتغير المناخ، والضغوط التضخمية، والتحول الرقمي المتسارع.

تمثل هذه المؤسسات نحو 90% من إجمالي الأعمال التجارية حول العالم، وتوفر ما يقارب 60 إلى 70% من فرص العمل، وتسهم بحوالي 50% من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعلها حجر الزاوية في الاقتصادات النامية والمتقدمة على حد سواء. 

وهي تؤدي دورًا محوريًا في تأمين سبل العيش، لا سيما للفئات الأكثر هشاشة مثل النساء، والشباب، واللاجئين، والأشخاص ذوي الدخل المحدود.

ورغم هذه الأهمية، تواجه المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة تحديات حادة، من أبرزها صعوبة الوصول إلى التمويل، وتعقيدات البيروقراطية، والافتقار إلى البنية التحتية الداعمة، فضلًا عن ظروف العمل غير المستقرة.

وتعمل نسبة كبيرة منها في القطاع غير الرسمي، ما يحرمها من الامتيازات القانونية والمزايا التمويلية والرعاية الحكومية.

تفاقمت هذه التحديات خلال السنوات الأخيرة بفعل الأزمات العالمية، حيث تسببت التوترات الجيوسياسية وارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء في تهديد بقاء العديد من هذه الشركات، ووفقًا لبيانات مركز التجارة الدولية، فإن نحو 68% من المؤسسات الصغيرة في إفريقيا جنوب الصحراء تؤكد أن المخاطر البيئية تؤثر مباشرة في أعمالها.

فعاليات عالمية

يشهد احتفال عام 2025 تنظيم فعاليتين دوليتين بارزتين الأولى في نيويورك بتاريخ 24 يونيو 2025، بتنظيم من مكتب منظمة العمل الدولية، في مقر الأمم المتحدة بمشاركة نخبة من صناع القرار والخبراء الدوليين، حيث تركز على تحويل الأفكار إلى خطط تنفيذية قابلة للقياس.

والفعالية الثانية في جنيف بتاريخ 27 يونيو 2025، وهي فعالية افتراضية رفيعة المستوى، تجمع خبراء الاقتصاد والتنمية الاجتماعية لمناقشة استراتيجيات دعم المؤسسات الصغيرة، وتعزيز مرونتها في مواجهة التحديات.

وترتبط المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة بشكل مباشر بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، خصوصًا: الهدف الثامن الخاص بالعمل اللائق والنمو الاقتصادي، والهدف التاسع الخاص بالصناعة والابتكار والهياكل الأساسية.

ويُتوقع أن يحتاج الاقتصاد العالمي إلى توفير نحو 600 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2030 لمواكبة نمو القوى العاملة، ما يجعل دعم هذه المؤسسات أولوية قصوى، وتظهر التجارب أن 7 من كل 10 وظائف جديدة في الأسواق الناشئة تنشأ من خلال المؤسسات الصغيرة.

اتجاهات مؤثرة في عام 2025

كشف تقرير صادر عن المجلس الدولي للأعمال التجارية الصغيرة عن أهم اتجاهات ترسم مستقبل هذه المؤسسات، ومن أبرزها: مكافحة الجرائم الإلكترونية والسلع المقلدة، تطوير إدارة إنسانية ترتكز على رفاه الموظفين، والتعاون الرقمي وتمكين رائدات الأعمال، وتعزيز الاقتصاد الدائري والمرونة التشغيلية، واعتماد الذكاء الاصطناعي لتعزيز الكفاءة، ومقاومة البيروقراطية الحكومية وتبسيط الإجراءات.

ورغم الأرقام المشجعة، لا تزال المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة تعاني من فجوة تمويلية ضخمة، تقدر بمئات المليارات من الدولارات سنويًا، وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن زيادة الاستثمارات السنوية في هذه المشاريع بمقدار تريليون دولار ستحدث أثرًا كبيرًا في تسريع التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة.

في هذا السياق، تسعى العديد من الحكومات والمؤسسات الدولية إلى إطلاق مبادرات لتمكين هذه الشركات من الوصول إلى التمويل، والتسجيل القانوني، والاستفادة من شبكات الدعم التقنية والإدارية.

دعوة أممية للعمل المشترك

تدعو الأمم المتحدة من خلال هذا اليوم إلى تكثيف الجهود العالمية والإقليمية والوطنية لتوفير بيئة أعمال أكثر عدالة واستدامة لهذه المؤسسات، وتؤكد على ضرورة تسهيل إجراءات تأسيس وتسجيل الشركات الصغيرة، وتبني سياسات حوافز ضريبية وتمويلية مرنة، وبناء أنظمة تدريب مهني ومهارات رقمية، وتوفير أدوات الحماية القانونية والاجتماعية للعاملين.

لا يقتصر الاحتفال بيوم المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة لعام 2025 على التوعية، بل يمثل دعوة واضحة لوضع هذه المؤسسات في صلب السياسات التنموية والاقتصادية، فبدون دعمها وتمكينها، سيظل الحديث عن النمو العادل والاقتصاد المستدام غير مكتمل.

وفي ظل التحديات التي تواجه العالم، تمثل هذه المؤسسات الأمل الحقيقي لاقتصاد أكثر توازنًا، ومجتمعات أكثر شمولًا وعدالة.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية